الطويل
هو أول البحور - عند العروضيين ، "وقد بدءوا به لأنه أتم البحور استعمالاً ، لأنه لا يدخله الجزء ولا الشطر ولا النهك"
وسمى طويلاً لمعنيين : أحدهما أنه أطول الشعر ، لأنه ليس فى الشعر ما يبلغ عدد حروفه ثمانية وأربعين حرفاً غيره.
والثاني : أن الطويل يقع فى أوائل أبياته الأوتاد ، والأسباب بعد ذلك ، والوتد أطول من السبب".
وهو على ثمانية أجزاء : فعولن - مفاعيلن - فعولن - مفاعيلن ... فى كل شطر وله عروض واحدة وثلاثة أضرب ، والعروض دائماً مقبوضة "مفاعلن"
1. الضرب الأول : صحيح "مفاعيلن" ومثاله:
أبا منذر كانت غروراً صحيفتى
فلم أعطكم فى الطوع مإلى ولا عرضى
وتقطيعه :
أبامن / ذرن كانت / غرورن / صحيفتى /
فلم أعْـ / طكم فططو / عمإلى / ولاعرضى
//ه/ه - //ه/ه/ه - //ه/ه - //ه//ه -
//ه/ه - //ه/ه/ه - //ه/ه - //ه/ه/ه
فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن
فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن
2. الضرب الثاني : مقبوض مثل العروض "مفاعلن" ومثاله:
ستبدى لك الأيام ما كنت جاهلاً ويأتيك بالأخبار من لم تزوِّد
وتقطيعه :
يتبدى/لك لأييا/مماكن/تجاهلن/ ويأتيـ/كبلأخبا/رمنلم/تزوودى
//ه/ه-//ه/ه/ه-//ه/ه-//ه//ه //ه/ه-//ه/ه/ه-/ه/ه-//ه//ه
فعولن مفاعيلن فعولن مفاعلن فعولن مفاعيلن فعولن مفاعلن
3. الضرب الثالث : محذوف "فعولن" ومثاله:
أقيموا بني النعمان عنا صدوركم وإلا تقيموا صاغرين الرؤوسا
وتقطيعه :
أقيمو-بننعما-نعننا-صدوركم-وإللا-تقيموصا-غرينر-رؤوسا
//ه/ه-//ه/ه/ه-//ه/ه-//ه//ه //ه/ه-//ه/ه/ه-//ه/ه-//ه/ه
فعولن-مفاعيلن-فعولن-مفاعلن فعولن-مفاعيلن-فعولن-فعولن
هذا ما عليه أغلب العروضيين بالنسبة لصور الطويل ، واختلف الأخفش والخليل حول عروضه . فالخليل لا يجيز فى عروضه غير "مفاعلن" وهذا ما عليه أغلب العروضيين ، لكن الأخفش أجاز فى عروضه الحذف فتكون "فعولن" لكن ليس على الأصل بل على جهة الزحاف ، ومعنى هذا أنه يجيز فى قصيدة واحدة أن تكون بعض الأعاريض على "مفاعلن" والبعض على "فعولن" ، على أى ضرب كانت القصيدة.
واستدل الأخفش على ما ذهب اليه بدليلين:
الأول : أن "مفاعلن" من جنس "فعولن" وهو فرع له ، وأوله مضارع لأوله فقياسه به أولى.
الثاني : أن عروضه مثل عروض المتقارب ، وإذا أجزنا فى عروض المتقارب أن يجتمع فيه عروض محذوفة وعروض غير محذوفة فى قصيدة واحدة فبنينا عليه الطويل وأجزنا فيه ما أجزنا فى المتقارب"
ومثل الأخفش على ذلك بقول النابغة:
جزى الله عبساً عبس آل بغيض جزاء الكلاب العاويات وقد فعل
أما الخليل فقد استدل على ما ذهب اليه بدليلين أيضاً :
الأول : أننا لو أجزنا مثل ذلك فى العروض لكان الحشو به أولى فلما لم يدخل هذا الحشو ، لم يدخل العروض .
الثاني : أن هذا الجنس إذا لحق العروض ثبت وصار أصلاً فلم يجز مع تلك العروض غيرها ، ودليل ذلك مجزوء المديد والرمل والخفيف.
أما ابن واصل فقد وافق الخليل فى ذلك وجعل هذا البيت - بيت النابغة - من الإقعاد ، فقال : وقد ورد فى الطويل الإقعاد ، وهو تغيير زنة العروض لا مع تصريع"وأورد بيت النابغة السابق . وهذا البيت ورد فى ديوان النابغة كالتالى :
جزى الله عبساً فى المواطن كلها جزاء الكلاب العاويات وقد فعل
فالعروض مقبوضة . وهنا لا يكون إقعاد".
وما ذهب إليه الخليل أقرب إلى الواقع ، والأدلة التى استدل بها الأخفش لا تعضد ما ذهب إليه ؛ فلا يجوز أن أقيس "مفاعلن" على “فعولن" لمجرد التشابه . كذلك لا نقيس الطويل على المتقارب لمجرد أن فى كل منهما "فعولن" . كما أن الأمثلة التى نقلها العروضيون “لاتعدو أبياتاً مفردة لا يمكن الاعتماد عليها فى القول بنماذج جديدة من بحر الطويل فضلاً عن نشاذ نغمتها وابتعادها عما هو معهود من صفاء هذا البحر وانسيابه"
ونقل عن الأخفش أنه زاد ضرباً رابعاً مقصوراً ، ومنه قول امرئ القيس :
عوير ومن مثل العوير ورهطه وأسعـد فى لـيل الـبلابل صفوان
فقد أصبحوا والله أوفاهم به أبـر بإيمـان وأوفـى بــجيران
ولو أطلق القافية لم يكن الضرب مقصوراً ، بل كان هو الضرب الأول بعينه ، ولكنه كان يلزمه الإقواء ، وهو عيب لا يليق بامرئ القيس اقتحامه.
وكما سبق أن قلنا إن هذه أبيات مفردة لا يمكن الاعتماد عليها فى إثبات صور جديدة للطويل .
ومن الغريب أن يأتى الطويل مشطوراً ، فقد نقل الدكتور شعبان صلاح نماذج جيدة جاءت على الطويل مشطوراً منها مطولة العشاق الثلاثة وعدتها واحد وأربعون شطراً ومنها:
بـــنـى آدم إن لــم يـــكـن آدم أبــا
رجـوت لـكم مـن عـالم الـرجـس مـهـربـا
وآثـرتـــكـــم بالـكـلـب جداً ومذهبـا
ونقل أيضاً عدة أبيات على نفس الصورة لابن زمرك ت79هـ ، وهو لا يرى غضاضة فى إضافتها إلى صور الطويل فيزداد ثراء وخصوبة.
فإذا وصلنا إلى حازم القرطاجني نجد أنه قد تناول الطويل كما تناوله العروضيون بلا تغيير ، وهو يجعله أول البحور المتركبة من خماسية وسباعية ، وأصل بناء أشطاره على أربعة أجزاء ، وشطره :
فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن
وذلك نحو قول زهير بن أبي سلمى :
صحا القلب عن سلمى وقد كاد لا يسلو
وأشار حازم إلى التزام القبض فى العروض إلا فى التصريع المقابل لضرب تام ومثل له بقول امرئ القيس :
وهل يعمن إلا سعيد مخلد