البسيط
سمى بسيطاً لأن الأسباب انبسطت فى أجزائه السباعية فحصل فى كل جزء من أجزائه السباعية سببان ، فسمى لذلك بسيطاً ، وقيل سمى بسيطاً لانبساط الحركات فى عروضه وضربه. وقيل سمى بسيطاً من البساطة التى هى السهولة ، فلما كان سهلاً فى الذوق سمى بذلك. وقال الخليل سمى بسيطاً لأنه انبسط عن مد الطويل والمديد فجاز وسطه فعلن. وقيل كذلك لكثرة أجزائه مأخوذ من البسطة وهى السعة ، أو لشهرته وكثرة استعماله ، مأخوذ من البسط وهو النشر.
وهو على ثمانية أجزاء : مستفعلن ، فاعلن ، مستفعلن ، فاعلن: فى كل شطر ، وله ثلاث أعاريض وستة أضرب
أ- العروض الأولى : مخبونة "فَعِلن" ، ولها ضربان
1. الضرب الأول : مخبون مثلها ، ومثاله:
يا حار لا أرمينْ منكم بداهية لم يلقها سوقة قبلى ولا ملك
وتقطيعه :
يا حار لا-أرمين-منكم بدا-هيتن-لميلقها-سوقتن-قبليولا-ملكو
/ه/ه//ه-/ه//ه-/ه/ه//ه-///ه /ه/ه//ه-/ه//ه-/ه/ه//ه-///ه
مستفعلن فاعلن مستفعلن فعلن مستفعلن فاعلن مستفعلن فعلن
2. الضرب الثاني : مقطوع "فَعْلن" والردف لازم له ومثاله:
قد أشهد الغارة الشعواء تحملني جرداء معروقة اللحيين سرحوب
وتقطيعه :
قدأشهدل - غارتل - شعواءتح - ملنى
جرداءمع - روقتل - لحيينسر - حوبو
/ه/ه//ه-/ه//ه-/ه/ه//ه-///ه
/ه/ه//ه-/ه//ه-/ه/ه//ه-/ه/ه
مستفعلن - فاعلن - مستفعلن - فَعِلن
مستفعلن - فاعلن - مستفعلن - فعْلن
ب- العروض الثانية : مجزوءة صحيحة "مستفعلن" ولها ثلاثة أضرب .
1. الضرب الأول : مجزوء مذال "مستفعلان" ومثاله:
إنّا ذممنا على ما خيلت سعد بن زيد وعمراً من تميم
وتقطيعه :
إنناذمم-ناعلى-ماخييلتْ سعدبنزى-دنوعم-رنمنتميم
/ه/ه//ه-/ه//ه-/ه/ه//ه-/ه/ه//ه-/ه//ه-/ه/ه//هه
مستفعلن-فاعلن-مستفعلن-مستفعلن-فاعلن-مستفعلانْ
2. الضرب الثاني : مجزوء صحيح مثل العروض "مستفعلن" ومثاله:
مإذا وقوفى على ربع خلا مخلولق دارس مستعجم
وتقطيعه :
مإذاوقو-فىعلى-ربعن خلا مخلولقن-دارسن-مستعجمى
/ه/ه//ه-/ه//ه-/ه/ه//ه /ه/ه//ه-/ه//ه-/ه/ه//ه
مستفعلن-فاعلن-مستفعلن مستفعلن-فاعلن-مستفعلن
3. الضرب الثالث : مجزوء مقطوع "مفعولن" ، ومثاله:
سيروا معاً إنما ميعادكم يوم الثلاثاء بطن الوادي
وتقطيعه :
سيرومعن-إننما-ميعادكم يوم ثثلا-ثاءبط-نلوادى
/ه/ه//ه-/ه//ه-/ه/ه//ه /ه/ه//ه-/ه//ه-/ه/ه/ه
مستفعلن-فاعلن-مستفعلن مستفعلن-فاعلن-مفعولن
ج. العروض الثالثة : مجزوءة مقطوعة ولها ضرب واحد مثلها "مفعولن" ومثاله:
ما هيج الشوق من أطلال أضحت قفاراً كوحي الواحي
وتقطيعه :
ماهييجش-شوقمن-أطلالن أضحتقفا-رنكوح-يلواحي
/ه/ه//ه-/ه//ه-/ه/ه/ه /ه/ه//ه-/ه//ه-/ه/ه/ه
مستفعلن - فاعلن - مفعولن مستفعلن - فاعلن - مفعولن
وبالنظر إلى تلك الصور التى ورد عليها البسيط المجزوء نجد أن الصورة الأولى - وهى ذات العروض الصحيحة والضرب المذال - هى التى وردت عليها قصائد كاملة ، أما الصور الثلاثة التالية فلم ترد عليها قصائد أو مقطوعات ، وإنما هى أبيات مفردة بنى عليها العروضيون القول بتلك الصور دون أن تؤاذرها أشعار تثبت نغمتها فى الإذان ، وتمهد للشعراء النسج على مثالها.
وإنكار هذه الصور ظاهرة عامة عند أغلب العروضيين ، فهذا صاحب المرشد يقول عن الصورة الثالثة : "والبسيط الثالث وزن قديم مهجور ، وهو عبارة عن وزن البسيط محذوفة منه التفعيلة الأخيرة من كل شطر . والبسيط الثالث عنده :
إما :تن تن تتن - تن تتن - تن تن تتن ×2
أو - وهذا هو الأكثر : تن تن تتن - تن تتن - تن تن تتن - فى الصدر و تن تن تتن - تن تتن - تن تن تتان فى العجز .
إذن هذه الصورة التى يتحدث عنها المجذوب تشمل صورتين من مجزوء البسيط الأولى : صحيحة العروض والضرب وهى الضرب الثاني من العروض الثانية ، عند العروضيين .
الثانية : صحيحة العروض مذيلة الضرب وهى الضرب الأول من العروض الثانية ، عند العروضيين .
ومثل لها د/ المجذوب بقول المرقش الأصغر فى المفضليات:
يـا ابـنة عجلان ما أصبرني على خطـوب كنحت بالقدوم
كـأن فيـها عـقاراً قرقفاً نشَّ مـن الدن فالكأس رذوم
فـى كل مُمْسًي لها مقطرة فيهـا كِباءٌ مـعـد وحميـم
لا تصطلى الـنار بالليل ولا تـوقـظ للزاد بلهاء نـئوم
أرقـني اللـيل بـرق ناصب ولم يعنـى علـى ذاك حميم
وليلة بـتـها مـسـهدة قـد كررتها على عيني الهموم
لم أغتمض طولها حتى انقضت أكـلؤها بعـدما نام السليم
ثم قال عقب ذلك "ولهذه الكلمة نظائر فى الشعر القديم ، وقد مات هذا الوزن فى العهد الإسلامي وهجره المحدثون إلى عصرنا هذا . وقد ندت إذانهم عن نغمه وصار الإتيان به مستقيماً منتظماً عسيراً عليهم . وفى الحق أنه وزن بدوي قريب من الرجز لا يختلف عنه إلا فى تحريف فى النغمة الوسطى.
وحقاً ما ذكر العروضيون المنكرون لصور مجزوء البسيط ، فإن كل ما استشهدوا به لا يعدو أن يكون أبياتاً مفردة لا تبنى عليها صور للبسيط فإذا بحثنا فى الأشعار قديمها وحديثها لا نكاد نعثر على أمثلة تؤيد ما ذهب اليه أهل العروض ، إلا تلك القصيدة التى تنسب إلى المرقش الأصغر.
أما حازم القرطاجني فقد أنكر أن يكون هذا الضرب الثالث للبسيط من البسيط أصلاً ، ولكنه جعله الضرب الأول للمجتث ، وعلل لذلك ، وهذا ما سيتضح عند تناولنا للمجتث -إن شاء الله- وسيتضح لنا كذلك أنه أرجع كل مقصرات البسيط إلى المجتث ، لأن مجاريها أوفق بمجاريه ، لأن الخبن فى فاعلن فى البسيط يحسن ما لا يحسن فى تلك المقصرات ، فلهذا كانت أنسب إلى المجتث . وكذلك فإن الطويل والبسيط عروضان فاقا الأعاريض فى الشرف والحسن وكثرة وجوه التناسب وحسن الوضع ، فإذا أذيل عنهما بعض أجزائهما ذهب الوضع الذى به حسن التركيب وتناهى فى التناسب فلم يوجد لمقصراتها طيب لذلك ... فلما كانت مقصرات الطويل والبسيط تنحط عن درجة الوزن التام فى ذلك انحطاطاً متفاوتاً كان لإهمال تلك المقصرات وجه من النظر ، إذ كانت الأوزان التامة كالآباء وهذه المقصرات المقتضبة كالأبناء ، وإذا لم يلد الكريم كريماً كان أحسن له ألا يلد"
وكذلك حكم مخلع البسيط الذى تجيئ نهاياته على مثال"مفعولن" هذا الحكم فكلاهما صالح أن ينسب إلى المجتث"
وجعل حازم الصورة المضارعة للمخلع - والذى صورته- عنده- مستفعلن فاعلن فعولن فى كلا شطريه - بحراً خاصاً مستقلاً عن البسيط ، ولم يلحقه بغيره كالمجزوءات السابقة ، وأطلق عليه اللاحق . وسنتناوله بعدُ - إن شاء الله .
ومن صور مخلع البسيط التى تأثر فيها الشعراء المعاصرون بالتراث الأندلسي واعين أو غير واعين ، ما ورد فيه على : مستفعلن - فاعلن - فاعلن ، فى كل شطر . وجعله حازم - أيضاً - بحراً خاصاً من وضع الأندلسيين ولم يطلق عليه مسمى .
وخلاصة رأى حازم فى البسيط أنه لا يعترف إلا بالصورة التامة غير المجزوءة . يقول فى إطار حديثه عن الأوزان المتركبة من خماسية وسباعية :"ومنها البسيط وشطره مربع متداخل على نحو وضع الطويل ، إلا أن الخامس فيه يسبق السباعي وذلك نحو قول النابغة:
يا دار مية بالعياء فالسند
وتقطيعه :
يا دارمي-يةبل-علياءفس-سندي
/ه/ه//ه-///ه-/ه/ه//ه-///ه
مستفعلن-فعِلن-مستفعلن-فعِلن
وكان أصل شطوره : مستفعلن فاعلن مستفعلن فاعلن إلا أنهم التزموا الخبن ، وهو حذف "الثاني الساكن فى فاعلن فى جزءى العروض والضرب مع تصريع وغير تصريع.
ولا ندرى هل حازم لا يعترف إلا بتلك الصورة المخبونة العروض والضرب ، ولا يرى الضرب المقطوع للعروض المخبونة ، هذا ما يفهم من قوله : التزموا الخبن فى جزءى العروض والضرب .