المتدارك
هو البحر الذى لم يذكره الخليل وتداركه غيره ، ولهذا سمى المتدارك وله عدة مسميات ، فيسمى بالمحدث والمخترع لاختراع وإحداث وضعه فى البحور بعد الخليل، وبالمتفق أى المنتظم لأن كلاً من أجزائه على خمسة أحرف ، وبالشقيق لأنه أخو المتقارب، إذ أصل كل منهما وتد مجموع وسبب خفيف - وبالخبب لكن إذا خبن فقط تشبيهاً له بالخبب الذى هو نوع من السير فى السرعة. وبركض الخيل لأنه يحاكي صوت وقع حافر الفرس على الأرض. وضرب الناقوس لأن الصوت الحاصل به يشبهه إذا خبن"وأجزاؤه: فعلن.فعلن.فعلن.فعلن.فعلن.فعلن.فعلن.فعلن
جاء فى نهاية الراغب: شذ فى هذا البحر أمران:
* أحدهما: وروده تاماً ، أى من غير خبن وبيته:
يا بنى عامر قد تجمعتم ثم لم تمنعوا الضيم إذ جئتم
* الأمر الثاني : ورود عروضه مجزوءة ، ولهذه المجزوءة الشاذة ثلاثة أضرب :
- الأول : مرفل أى زيد فى آخره سبب خفيف ، وبيته :
دار سعدي بشحر عمان قد كساها البلى الملوان
- الثانى : مذيل ، أى زيد فيه حرف ساكن ، ويلزمه الردف لالتقاء الساكنين ، ومثاله :
هذه دارهم أقفرت أم زبور محتها الدهور
- الثالث : مثل العروض فى كونه مجزوءاً سالماً ومثاله :
قف على دارهم وابكين بين أطلالها والدمن"
والمطرد فى بحر المتدارك أن يستعمل مخبوناً أو مقطوعاً وبيته المخبون:
كرة طرحت لصوالجة فتلقفها رجل رجل
وتقطيعه :
كرتن / طرحت / لصوا / لجتن / فتلقـ / قفها / رجلن / رجلو
///ه ///ه ///ه ///ه ///ه ///ه ///ه ///ه
فعلن.فعلن.فعلن.فعلن.فعلن.فعلن.فعلن.فعلن
وقد وصف العروضيون هذه الصورة بالحسن. وعدها الإسنوي الصورة الوحيدة فى استعماله ، فقال فى إطار حديثه عنه :"وهو مبني فى الدائرة من فاعلن ثمان مرات ، إلا أنه لا يستعمل إلا مخبوناً وله عروض واحدة وضرب واحد مخبونان" ثم مثل لها بالبيت السابق.
وبيته المقطوع :
يا ابن الدنيا مهلاً مهلاً زن ما يأتي وزناً وزناً
وتقطيعه :
يبند / دنيا / مهلن / مهلن / زنما / يأتي / وزنن / وزنا
/ه/ه - /ه/ه - /ه/ه - /ه/ه - /ه/ه - /ه/ه - /ه/ه - /ه/ه
فعْلن فعْلن فعْلن فعْلن فعْلن فعْلن فعْلن فعْلن
ولم يسمع القطع فى حشو بيت من الشعر إلا فى هذا البحر ، لأن القطع علة والعلل لا تكون حشواً ، ولهذا أنكر بعضهم أن يكون مقطوعاً وسماه مضمراً بعد الخبن ... وهذا مُشْكل أيضاً ، لأن الخبن على الحقيقة فى وتد ، والإضمار زحاف والزحاف لا يدخل الأوتاد" وسوف نرى أن حازماً غير فى اشتقاق هذا البحر لأسباب من بينها هذا السبب ، فهو عند حديثه عند المتدارك إذا خُبن - كما أوضحنا من قبل - خالف العروضيين فى اشتقاقه ، فإذا كان العروضيون يجعلونه على فاعلن مكرراً أربعاً فى كل شطر وقالوا : إن الخبن التزم فى جميع أجزائه فإن حازماً يجعل تفعيلة الخبب "متفاع لتن" مكررة فى كل شطر، يقول :"وأما ما تركب من الثمانيات الساذجة فالخبب ، وبناء شطره :
متفاع لتن ، متفاع لتن مرتان هكذا ، كقول بعض الأندلسيين :
أملَّت لقاءك فى الحلم فزجرت العين فلم تنم
وتقطيعه ، على طريقة حازم :
أمملتلقا / ءكفلحلمى / فزجرتلعي / ينفلم تنمى
/ه/ه///ه -///ه///ه - ///ه/㺇/ه - ///ه///ه
متفاع لتن متفاع لتن متفاع لتن متفاع لتن
ويدخله الإضمار ... فيصير إلى "مفعولاتن".
وقد علل حازم لها الاشتقاق بتعليلين لا أرى داعيا لذكرهما هنا خشية الإطالة.