أصول المعرفة الإسلامية : الإجتهاد،ضرورته و مقاصده
الوحدة المنهجية
أصول المعرفة الإسلامية 3- الاجتهاد ضرورته ومقاصده وضوابطه.
I- الاجتهاد ضرورة شرعية وحضارية
1- مفهوم الاجتهاد ومنزلته
تعريفه:- الاجتهاد لغة: بذل المجهود في استفراغ الوسع في فعل،ولا يستعمل إلا فيما فيه جهد أي مشقة.
- وشرعا: استفراغ الجهد وبذل غاية الوسع إما في إدراك الأحكام وإما في تطبيقها.
- منزلته: الاجتهاد منهج المسلم للتفاعل الشرعي مع كل من الوحي والكون واستنطاقهما لاستنباط السنن واستدرار الحكم وفقه آيات الوحي، وهو سمة المسلم الثابتة يسعى إليه ما أمكنه ذلك .
2- تعريف المجتهد
- تعريفه: المجتهد هو الفقيه العالم المؤهل الذي يستفرغ وسعه لتحصيل حكم شرعي.
- منزلته: للمجتهد منزلة عالية في الاسلام لاشتغاله ببيان أحكام الله سبحانه ،وقد وردت نصوص كثيرة في القرآن والسنة ترفع من شأن العلم وأهله ................
3 - حكم الاجتهاد وحجيته
- حكمه: الاجتهاد ضرورة شرعية وفريضة على الأمة، ولكنه فرض كفائي إذا قام القدر الكافي سقط عن الباقين، فالناس لابد لهم من فهم أساسيات دينهم والإجابة عن استفساراتهم وخواطرهم اليومية.
حجيته : فرضية الاجتهاد وضرورته ثابتة بنصوص القرآن والسنة والإجماع .
فمن القرآن ما ورد في الآية 122 من سورة التوبة «فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ».
ومن السنة : حديث معاد بن جبل t المشهور حينما بعثه النبي e إلى اليمن فسأله كيف تقضي....الخ .وحديث : « إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران ،وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر واحد » .
• والأحكام الاجتهادية تعتبر أحكام شرعية وحجة إذا صدرت من أهل لذلك تلزم صاحبها ،وكل من لا يستطيع الاجتهاد بنفسه وخاصة إذا لم يوجد غير هذا الاجتهاد . أما في حالة تعدد الاجتهادات فيجب أن لا يخرج في اختياره عنها .
4 - مقاصد الاجتهاد
1)- خلود الشريعة الإسلامية وعالميتها : يقتضي ضرورة فتح باب الاجتهاد للمؤهلين. فالشريعة جاءت بأصول ثابتة وقواعد منظمة تتميز بالسعة والمرونة ،لمواكبة تطورات الحياة ومستجداتها في كل العصور وإلى قيام الساعة .
2)- قيومية الدين الإسلامي : فبالاجتهاد يتحقق تنزيل مراد الله على الواقع الإنساني وتصييره متفاعلا بإلزامات الوحي الرباني .
3)- تحقيق العدالة وضمان الحقوق : بحفظ الضروريات الخمس وهي { الدين ، النفس، العقل، العرض، والمال } وبالاجتهاد يتحقق ذلك ،لمراعاة مصالح الناس وحاجاتهم. ولدفع الضرر ورفع الحرج عنهم .
II- مجالات الاجتهاد واسعة وأنماط ممارسته متعددة
ا- سعة فضاء الاجتهاد ومجالاته
الاجتهاد يعم كل مجالات الحياة الفكرية والمعرفية والسلوكية وغيرها.
.إلا أن مجال الفقه والتشريع هو الاهم من ذلك كله، نظرا لكثرة القضايا والنوازل والمستجدات التي يحتاج المسلمون إلى معرفة حكمها الشرعي.
ب- ما يجوز فيه الاجتهاد وما لايجوز
كل قضية أو واقعة لم يرد فيها نص أصلا أو ورد فيها دليل ظني الورود أو ظني الدلالة أو هما معا، فمجال الاجتهاد فيها مفتوح لأنها تتعلق بجزئيات وتفاصيل لاينتج عن الاختلاف فيها إبطال لأصل الشريعة والدين،
وهنا لايجوز تأثيم أو تكفير المجتهد المخالف في مثل هذه القضايا لأن المشرع جعلها كذلك رحمة وتوسعة .بخلاف من أنكر القطعيات من أصول الدين والعمل.
أما ما دل على حكمه نص قطعي الثبوت والدلالة فإنه لامجال للاجتهاد فيه بأي حال .لأنه يمثل أصول الدين وثوابته.والاجتهاد فيها يؤدي إلى إبطال أصل الدين مثل: الإيمان بالله والبعث والجزاء،وفرضية الصلاة والزكاة.وقسمة المواريث ،وحرمة الربا والخمر....الخ.
ج- أقسام الاجتهاد بجوانبه المتعددة
ا- من حيث التجزؤ وعدمه ينقسم إلى:
- الاجتهاد الجزئي: ويكون من العالم المتخصص في بعض الأبواب أو القضايا أو المسائل فقط دون غيرها.
- الاجتهاد الكلي: وهو بلوغه رتبة الاجتهاد في سائر الأحكام الشرعية.
وفي كل منهما يجب أن يتوفر المجتهد على الملكة العلمية العامة.
ب- من حيث الإطلاق والانضباط بأصول أحد المذاهب ينقسم إلى:
- مجتهد مطلق: وهو المعتمد على علمه ومداركه في الاستنباط و.
- مجتهد مذهب[منتسب]: وهو الملتزم بأصول ومسالك الاستدلال لأحد الأئمة المجتهدين المعروفين.
ج- من حيث جدة الاجتهاد وعدمه ينقسم إلى:
- الاجتهاد الانشائي: وهو استنباط المجتهد لحكم جديد لم يسبق إليه في مسألة ما.وهذا يغلب في القضايا المستجدة.
- الاجتهاد الانتقائي: وهو اختيار وترجيح رأي من بين الآراء المنقولة عن السابقين.
د- من حيث الجهة المصدرة للاجتهاد ينقسم إلى: -
الاجتهاد الفردي: وهو الصادر عن مجتهد واحد.
- الاجتهاد الجماعي: وهو الصادر عن جماعة من المجتهدين، وهذا النوع له أهميته الكبرى خاصة في هذا العصر للخروج بالأمة من البلبلة الفكرية وحالة التخاذل الثقافي الذي تعاني منه.
III - شروط الاجتهاد وضوابطه
شروط قبول الاجتهاد
ا- الإسلام: فلا عبرة باجتهاد غير المسلم لعدم أهليته وعدم الثقة في اجتهاداته.
ب- التكليف: باعتباره مناط الإدراك والتمييز والوعي.
ج- العدالة: وهي ملكة تحمل صاحبها على التقوى واجتناب الأدناس،وخوارم المروءة.
شروط صحة الاجتهاد
1- العلم بالقرآن الكريم وأحكامه الشرعية التي جاء بها ، وطرق الاستنباط و.
2- العلم بالسنة النبوية الشريفة والإلمام بها وبالأحكام الشرعية الواردة بها.
3- العلم باللغة العربية وفنونها وطرق دلالات عباراتها باعتبارها أداة فهم الوحيين.
4- العلم بأصول الفقه ليصبح عالما بمدرك الأحكام الشرعية وما...
5- العلم بمقاصد الشريعة الإسلامية جملة وتفصيلا فبواسطتها يكون التنزيل والفهم الصحيح
6- العلم بقواعد الفقه الكلية لاكتساب ملكة فهم قصد الشارع .
7- العلم بمواقع الإجماع حتى لا يجتهد أو يفتي بخلافه .
8- العلم بأحوال وواقع العصر الذي يعيش فيه ،لتكييف الوقائع المجتهد فيها مع ذلك.....