حقوق الإنسان في الإسلام : الخصائص و المقاصد
الوحدة الحقوقية
حقوق الإنسان في الإسلام: الخصائص والمقاصد
1- الحقوق المدنية والسياسية في الإسلام
ا- الحقوق المدنية في الإسلام
* حق الحرية والاختيار ،وعلى رأسها حرية العقيدة شعارها في ذالك «لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ » وقد قدم القرآن الكريم نماذج راقية في الدفاع عن أعظم حق من حقوق الانسان «حق معرفة الله». كما سجل أخطر انتهاكات حقوق الإنسان التي تفنن فيها الطغاة في تعذيب المومنين لمجرد إيمانهم قال تعالى« قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (4) النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ (5) إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ (6) وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (7) وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (
» سورة البروج.
* تحريم الاسترقاق وإقرار الحرية الأصلية : وما ورد من أحكام في الإسلام تخص الرقيق كان من أجل حمايتهم في زمن كان الرق فيه عرفا عالميا ظالما ، وقد اتخذ الإسلام مجموعة من الإجراءات للقضاء على الرق ، كفرضه تحرير الرقاب كفارة لبعض المخالفات الشرعية و.......وفي حديث أبي هريرة t « ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة وذكر منهم: ورجل با حرا فأكل ثمنه»
* حق الحياة : وهي هبة ونعمة ربانية لا يقدر عليها سواه.ويشمل هذا الحق :
- تحريم القتل : حيث اعتبره الإسلام من أعظم الذنوب والجرائم والموبقات ،قال تعالى : { أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا }المائدة الآية : 32
- تحريم الانتحار : فلا يحق لأحد أن يضع حدا لحياته أو يعتدي على جسده .وقد جاء الوعيد الشديد لمن يقدم على ذالك في نصوص كثيرة،
- تحريم الإجهاض : حيث حرمه الإسلام إلا عند الضرورة كتعرض حياة الأم لخطر محقق. وحرم الزنا وشرع له عقوبة رادعة باعتباره سببا مباشرا للإجهاض. ودعا إلى العفة والزواج صيانة للعرض والنسل.
ب- الحقوق السياسية في الإسلام
وضع الإسلام مبادئ وأسسا عامة قابلة للتطوير حسب الزمان والمكان من طرف المجتهدين المؤهلين ودعا إلى مبدأين أساسيين في الحياة السياسية :
ا- مبدأ الشورى : فالإسلام يرى في الشورى (السبيل المنطقي القويم الذي يقود المجتمع والإنسان معاً إلى سلامة المنهج وصواب الرأي وسعادة الحياة... ). وللأهمية البالغة لمبدأ الشورى عمم الإسلام موقفه منه (إلى كل جوانب الحياة حينما فرض على كل واحد من أفراد المجتمع قانون التشاور والانفتاح... حتى في المسائل الجزئية الصغيرة إذ حرض الجميع على ملاقحة الأفكار والفحص عن الرأي السديد قال تعالى : « وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (38) » سورة الشورى. وقال عز من قائل: « فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ» سورة آل عمران.
ب- مبدأ البيعة : قال تعالى :« إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (10) » سورة الفتح. فالإسلام أعطى قيمة عظيمة للبيعة وجعلها وسيلة لانضباط المجتمع الإرادي لقانون الدولة، بموجب العهود المتبادلة بين الراعي والرعية، ولم يميز الإسلام في هذا الحق بين الرجل والمرأة « يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ » سورة الممتحنة الآية 12.
2- الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في الإسلام.
عند قيام الدولة الإسلامية في أول عهدها بالمدينة نص دستورها على أسس مبدأ التكافل والتضامن بين مختلف مكونات الدولة الإسلامية دون تمييز بينهم على أي أساس.ولقد افلح المسلمون بالفعل في ذلك من خلال:
ا- الإحساس بالمسؤولية الفردية والاجتماعية والإحساس بالواجب اتجاه الحق،« كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته»
ب- التضامن والتكافل باعتبارهما وسيلة لحفظ الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.... « من كان عنده فضل ظهر فليدع به على من لا ظهر له ، ومن كان عنده فضل زاد فليد به على من لازاد له حتى ظننا أنه لاحق لأحد منا في الفضل»
ج- محاربة الشره والفساد الاقتصادي من خلال اجتناب المعاملات المحرمة كالربا والاحتكار .... وقيامهم بالعبادات المالية على أكمل وجه فخلقوا نظاما اجتماعيا صمدوا من خلاله في أشد الأزمات كعام الرمادة،
3- خصائص حقوق الإنسان ومقاصدها في الإسلام.
ا- خصائص حقوق الإنسان في الإسلام
أ- الربانية : فكل حق منصوص عليه في القرآن أو السنة فهو مصدره من عنده سبحانه، وبالتالي فهو منزه عن الزيغ والضلال
ب- الثبات : فمهما تعرض الناس للتضليل عن طريق خلط الحق بالباطل تبقى حجة الحق قوية الإقناع بالفطرة.
ج- الحياد : فهي منزهة عن أي تحيز أو تمييز عرقي وعن أي عن الهوى .
د- الشمول : فهي محيطة بكل مصالح الإنسان العاجلة والآجلة،ومحمية بتشريعات تربوية ووقائية وأحكام تكليفية .
هـ- العالمية : فهي صالحة لكل زمان ومكان لاستجاباتها لحاجات الإنسان الحقوقية الفطرية ، ووضعها حلولا لأغلب مشاكله .
ب- مقاصد حقوق الإنسان في الإسلام
أ- تحقيق كمال العبودية لله : لأن بذل الحق لأهله والمطالبة بالحق من صميم الطاعة ومن باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
ب- حفظ حياة الإنسان : في جميع مراحلها .
ج- إشاعة الإسلام في العالم : من خلال تربية الناس على حل خلافاتهم بالطرق السلمية ومعرفة ما لهم وما عليهم من حقوق
د- تحقيق العدالة الاجتماعية : بإشاعة العدل في الأرض وتقليص الفوارق الطبقية .
ه- حفظ مصالح العباد : بحفظ الضروريات الخمس في جميع مراتبها ، وفرض النظام والأمن في المجتمع .
و- تكريم الإنسان : بتربيته على الكرامة الحق وعزة النفس ،دون تعال أو طغيان .