رغم زيادة المعونة لثلاثة أمثالها
المال الأمريكي يفشل في "شراء قلوب" الباكستانيين
وزير الخارجية الباكستاني ونظيرته الأمريكية
واشنطنوصف وزير خارجية باكستان نفسه بأنه رجل "سعيد" بعد محادثات رفيعة المستوى في واشنطن هذا الأسبوع جرت بهدف تحسين العلاقات المضطربة بين الحليفتين.
وعلى الرغم مما أبداه الوزير من تفاؤل فإن التوتر بشأن قضايا تتراوح من التعاون الأمني إلى كيفية إنفاق المساعدات لا تزال مستمرة. بيد أن كسب تأييد الجماهير الباكستانية المتشككة للغاية ربما يكون المهمة الأصعب.
وتظهر استطلاعات للرأي أن أقل من واحد من بين كل خمسة باكستانيين يؤيد الولايات المتحدة على الرغم من زيادة المساعدات المدنية إلى ثلاثة أمثالها على مدار الأعوام الخمسة القادمة. كما يشكو المسؤولون الأمريكيون من أن وسائل الإعلام الباكستانية تظهر عداءً في معظم الأحيان تجاه نوايا الولايات المتحدة.
وقال ممثل الولايات المتحدة الخاص إلى أفغانستان وباكستان ريتشارد هولبروك "هذا هو أحد أكبر مخاوفنا، الفهم الجماهيري في باكستان لما تفعله الولايات المتحدة ليس كما ينبغي أن يكون. الباكستانيون كونوا اعتقاداً بأننا لا نعبأ إلا بقضية أو اثنتين. فوق كل شيء الحرب في أفغانستان والقضية النووية، والأمل هو أنه من خلال تحسين العلاقات بين الحكومتين يتسرب هذا لعامة الجماهير الذين تساورهم شكوك عميقة إلى درجة أنه حين أعلن عن حزمة المساعدات الأمريكية وقيمتها 5.7 مليار دولار في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي استقبلت بغضب شديد وليس بالتقدير الذي كانت واشنطن تأمله.
نهج جديد واشنطن تريد جهدا باكستانيا أكبر في التصدي لطالبان
وقال وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قرشي إنه في حين أن هناك المزيد من الأموال المتاحة للطاقة والمياه والمشاريع الأخرى فإن هذا لم يترجم إلى دعم للولايات المتحدة وأن واشنطن بحاجة إلى نهج جديد. وأضاف في مقابلة مع رويترز "لا يمكن شراء الرأي العام يجب كسب القلوب والعقول". وتابع: إن الأساس هو خلق علاقة كان ينظر إليها على أنها دائمة وواسعة النطاق وليس مجرد علاقة ينظر إليها على أنها لخدمة مصالح واشنطن.
ويترقب الباكستانيون الموعد النهائي الذي حدده الرئيس الأمريكي باراك أوباما في تموز (يوليو)2011 لبدء انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان المجاورة خشية أن يسفر هذا عن ضعف الاهتمام بباكستان.
وقال قرشي "يجب أن يشعر الباكستانيون بأنكم شركاء يمكن الاعتماد عليهم، فيما مضى كان هناك تاريخ حين كانت مصالحنا أشبه بالمعاملات التجارية".
وخلال اجتماعات هذا الأسبوع لم يقتصر التركيز على المساعدات الأمنية على الرغم من أن هذه مسألة أساسية لدور إسلام أباد في أفغانستان وإنما وجه أيضاً إلى إظهار أن واشنطن تريد المساعدة في التحديات اليومية مثل انقطاع التيار الكهربائي يومياً في باكستان وإصلاح السدود والطرق.
وتقول ليزا كيرتس خبيرة الشؤون الباكستانية أن أحد مخاطر اجتماعات هذا الأسبوع هي أن التوقعات بظهور نتائج سريعة عالية جداً، وأضافت "ربما تكون هناك بعض التوقعات التي لم تتحقق وستصبح هذه قضية تصور في باكستان."
وفي مراسم توقيع اتفاق لمد الطرق قال وزير المالية سلمان صديق إن مشاريع من هذا النوع هي التي يمكن أن تؤثر على الرأي العام لأن لها أثراً مباشراً على الشعب الباكستاني.
واشنطن تغير أسلوبهاجندي باكستاني في حالة تأهب
وغيرت الولايات المتحدة أسلوب تعاملها مع المساعدات في باكستان وابتعدت عن المتعاقدين الأمريكيين الكبار الذين كانوا يتمتعون بشعبية في عهد إدارة الرئيس السابق جورج بوش لتتجه إلى ضخ الأموال مباشرة من خلال الحكومة المحلية أو المنظمات غير الحكومية.
غير أن الجانب السيء لهذا هو أن وصول المساعدات يستغرق وقتاً أطول لأن على وزارة الخارجية الأمريكية اتباع قواعد صارمة يفرضها الكونغرس عند استخدام أموال دافعي الضرائب الأمريكيين، ويتحقق مدققو الحسابات من تطبيق القواعد السليمة قبل تسليم الأموال.
وأظهرت الصورة التي بدت بها اجتماعات "الحوار الإستراتيجي" هذا الأسبوع تناغماً بين الجانبين انعكس في طريقة جلوس المسؤولين حيث اختلط المسؤولون الباكستانيون بالمسؤولين الأمريكيين رمزياً بدلاً من الجلوس مقابل بعضهم البعض كما يحدث عادة في الاجتماعات الثنائية.
وتحدثت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون عن "يوم جديد" في العلاقات مع باكستان مشيدة بالتعاون الأمني الذي شمل اعتقال قيادي بارز في طالبان الأفغانية.
وتجنب المسؤولون الأمريكيون مطالبة باكستان علناً "ببذل المزيد" من الجهد وهي العبارة التي تستفز إسلام أباد التي تقول إن البلاد عانت خسائر كبيرة في مكافحتها للتشدد سواء في أرواح البشر أو من الناحية المالية.
ويقول بروس ريدل المحلل السابق بوكالة المخابرات المركزية الأمريكية إن من المفارقات أن الاعتقالات الأخيرة أبرزت ما تستطيع باكستان بذله من جهد إضافي. وأضاف ريدل "أعتقد أنه سيثور الكثير من الحديث عما تستطيع باكستان بذله من جهد إضافي مع المتشددين."
وتريد واشنطن من باكستان أيضا بذل جهد لكبح جماح جماعة عسكر طيبة، وهي جماعة مقرها باكستان ومسؤولة عن هجمات مومباي التي وقعت في تشرين الثاني (نوفمبر) 2008.